تعد المرونة العصبية من أكثر المفاهيم المذهلة والمدهشة في مجال علم الأعصاب. إنها القدرة الرهيبة التي يتمتع بها دماغنا على تشكيل وتعديل اتصالاته العصبية، مما يسمح لنا بتعلم المهارات الجديدة وتحسين قدراتنا العقلية. قبل فترة طويلة، كان العلماء يعتقدون أن الدماغ ثابت ولا يمكن تغييره بعد فترة الطفولة، لكن اكتشافات الأبحاث الحديثة أثبتت عكس ذلك تمامًا
ِ
المرونة العصبية في الدماغ تعني أن دماغنا قادر على إعادة تنظيم نفسه وإعادة صياغة اتصالاته العصبية في استجابة للتجارب والتجارب الجديدة. على سبيل المثال، عندما نتعلم مهارة جديدة مثل قيادة الدراجة أو تعلم لغة جديدة، أو أي نوع تغير في عاداتنا تحدث تغيرات ملموسة في الدماغ تسمح لنا بأداء هذه المهارات بشكل أفضل بمرور الوقت
تكمن أهمية المرونة العصبية في تمكيننا من التكيف مع التحديات والتغيرات في الحياة. على سبيل المثال، عند مواجهة إصابة في الدماغ أو الجلطة الدماغية، يمكن للدماغ أن يقوم بإعادة توجيه المسارات العصبية لتجنب المناطق المتضررة وتحسين وظائف أخرى لتعويض الضرر الذي نتج بعد السكتة الدماغية
بالإضافة إلى ذلك، تلعب مرونة الأعصاب دورًا حاسمًا في التعلم طوال الحياة. فعندما نمارس النشاط العقلي المستمر ونتحدى أنفسنا بانتظام، يتم تحفيز الدماغ على تكوين اتصالات جديدة بين الخلايا العصبية، وتحفيز نمو الألياف العصبية. إما عن طريق زياداة إفراز لنواقل العصبية بين الترابطات في لدماغ ، أو تغير في حجمها . بالتالي، تزيد من الذكاء وتعزز من قدراتنا العقلية وتحسين ذاكرتنا وتركيزنا
حيث أثبتت الدراسات في مجالات الصحة العصبية و العقلية بأن الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى تكون المناطق الحسية في الشق الأيسر من الدماغ أكبر من المناطق الحسية في الشق الأيمن من الدماغ من خلال تصوير الدماغ ، حيث يزيد التركيز لبناء ترابطات جديدة على مدى العمر في هذه المناطق الحسية المسؤولة عن حركة اليد اليمنى مما يؤدي إلى اختلاف حجمها
ومن المثير للإعجاب أن المرونة العصبية تستمر على مر العمر، مما يعني أنه لا يوجد عمر محدد للتعلم والتحسن. بغض النظر عن العمر الذي تبلغه، يمكنك دائمًا تطوير مهارات جديدة وتعلم أشياء جديدة تحسن جودة حياتك بشكل عام و دماغك يطور من نفسه باستمرار خلال تلك الرحلة
